الديمقراطية والانتخابات

تموز تشارك ببعثة مراقبة الانتخابات اللبنانية

شاركت منظمة تموز للتنمية الاجتماعية ممثلة برئيستها فيان الشيخ علي ببعثة مراقبة وتقييم دولية للانتخابات البرلمانية اللبنانية في آيار 2022 وذلك ضمن بعثة الشبكة العربية لديمقراطية الانتخابات التي ضمت 13 خبيرة وخبير من اعضاء الشبكة في العراق ، الأردن ، الكويت ، تونس ، مصر ولبنان .

وقد التقت البعثة بعدد من الاحزاب السياسية المشاركة بالانتخابات وبعض المرشحين من التغييريين وممثلي المجتمع المدني بهدف التعرف على البيئة الانتخابية وماتتضمنه من حرية في التنافس والتكافؤ بالفرص والاراء من القانون والموقف والآلية لضمان مشاركة المراة والاشخاص ذوي الاعاقة .

كما انتشرت البعثة عبر اربع فرق في عموم الدوائر الانتخابية في لبنان والبالغة 15 دائرة في يوم الانتخابات العامة التي جرت في 15 آيار 2022 وزارت خلال جولاتها ما يقارب الـ 150 محطة اقتراع .

وفي يوم التالي للانتخابات 16 آيار عقدت الشبكة مؤتمر صحفي لأعلان البيان الصحفي الأولي لتقييم العملية الانتخابية وفيما يلي نص البيان :

بيان صحفي

الانتخابات البرلمانية اللبنانية ايار 2022

تقييم العملية الانتخابية

ساهمت الشبكة العربي لديمقراطية الانتخابات ANDE في العملية الانتخابية والتي جرت يوم الامس في 15 أيار، ومن اجل ذلك حشدت الشبكة 13 خبيراً وخبيرة من عدة منظمات من المجتمع المدني في الدول العربية. خلال فترة إقامة الوفد في لبنان، تم زيارة عدد من الأحزاب المشاركة في العملية الانتخابية، بالإضافة الى عدد من المرشحين “التغييريين” ووقف الوفد عند ملاحظاتهم على العملية الانتخابية وهو ما سنقوم بالتطرق اليه لاحقاً. وبالطبع فقد زار الوفد الجمعية اللبنانية من اجل ديمقراطية الانتخابات LADE واثنى على جهودها في التحضير لعملية مراقبة استثنائية في ظرف استثنائي.

جرت الانتخابات النيابية في لبنان في خضم مجموعة من أحداث استثنائية مرت بها البلاد من ثورة 17 تشرين إلى أزمة كورنا إلى تفجير مرفأ بيروت، ترافق ذلك مع اكبر انهيار مالي عاشه لبنان في تاريخه، وتفجير مرفأ بيروت الذي صنف كواحد من اسوء الانفجارات غير النووية على مدار التاريخ وهذا التضخم المالي غير المسبوق أدى الى انهيار قيمة الليرة اللبنانية وتراجع كبير في سعر صرفها امام العملات الأجنبية وانعكاس ذلك بشكل دراماتيكي على القدرة الشرائية للمواطنين واثر على كافة نواحي حياتهم اجتماعياً واقتصادياً .

وفي هذه الأجواء المتوترة وعجز الدولة اللبنانية على إدارة العديد من الملفات الداخلية والخارجية، برزت تكهنات عدة تشكك في قدرة وإمكانية حكومة السيد نجيب ميقاني على اجراء الانتخابات في وسط غياب التمويل والتجهيزات، ترافق تلك المرحلة العديد من الأزمات السياسية التي شملت عدم اتخاذ الحكومة والمجلس النيابي أي إجراءات جدية لمعالجة الازمات الاقتصادية المتلاحقة التي انعكست على مزاج الشارع اللبناني لجهة المشاركة في الانتخابات من عدمها.

ومن ناحية أخرى شهدت الساحة السياسية إعتكاف مكون سياسي فاعل وأساسي وذلك بعيد إعلان رئيس الوزراء الأسبق رئيس تيار المستقبل عن المشاركة في العملية الانتخابية، ترشحاً، الأمر الذي أفرز مقاطعةً من قبل محازبي ومناصري التيار للانتخابات.

في هذا السياق جرت انتخابات العام 2022 وفقا للقانون رقم 44/2017 مع بعض التعديلات عبر قانون رقم 8/2021، مع الاستمرار باعتماد نفس النظاام الانتخابي مع الصوت التفضيلي. رغم الكم الهائل من الانتقادات التي تعرض لها الصوت التفضيلي في الانتخابات السابقة من قبل معظم الأطراف السياسية والمدنية والحقوقية المعنية بالإنتخابات والديمقراطية وحقوق الإنسان.

ونتيجة للزيارات الميدانية واللقاءات السياسية والتقييمية والتقنية، سجلت البعثة عدة نقاط سلبية في القانون تعتبر إخلالاً بالمعايير الدولية على عدة أصعدة منها:

  • عدم اعتماد المعايير الدولية والمعايير الموحدة لتوزيع الدوائرالإنتخابية إذ لم تتم مراعاة عدالة التمثيل بين المواطنين/ات والتنوع وفق ما جاء في اتفاق الطائف ولم ترتكز على مبدأ العيش المشترك المذكور في الدستور.
  • إفراغ مبدأ النسبية من مضمونه من خلال توزيع الدوائر واعتماد الدوائر الكبرى والصغرى.
  • اعتماد صيغة متحركة للحاصل الإنتخابي وغير متكافئة ومرتفعة جداً في بعض الحالات (تصل في بعض الدوائر الى 20% مقابل 7% في دوائر اخرى).
  • الإنفاق الإنتخابي المرتفع وخصوصا في ظل أزمة السيولة وتحريك الحسابات المصرفية يتنافى مع مبدأ تكافؤ الفرص (سقف ثابت 750 مليون ليرة وسقف متحرك يبلغ 50 آلاف ليرة على كل ناخب في الدائرة الكبرى، و 750مليون ليرة للائحة).
  • استخدام خطاب يتضمن الكثير من القدح والذم والخطاب الطائفي الذي يثير النعرات بين اللبنانيين وهو محظور في القانون الإنتخابي (المادة 74 من القانون 44/2017) وفي قانون العقوبات  اللبناني في المادة (385) .
  • توزع الأقلام على عدد محدود من الناخبين/ات من عائلات محددة مع لحظ التوزع حسب الطوائف والذكور والإناث مما يخرق سرية الاقتراع (قانون 44/2017 المادة 95) وبالأخص في عملية الفرز، كما أنه يعزز حالة الفصل الطائفي في بعض الحالات.
  • هيئة الإشراف على الانتخابات ووفقا للمادة 11، أصبحت غير دائمة (حيث تنتهي ولايتها بعد6  أشهر من إتمام الانتخابات)، مما يتعارض مع أحكام المادة 9  من نفس القانون (تنشأ هيئة دائمة تسمى هيئة الإشراف على الانتخابات).
  • سن الإقتراع 21 سنة مرتفع جداً مقارنة بما هو عليه الحال العديد الدول التي اتجهت نحو اعتماد سن  18 كسن الاقتراع، يترافق ذلك ارتفاع سن الترشح 25 سنة.

من جهة أخرى سجلت الإيجابيات التي تجلت بالنقاط التالية:

  • شكّل إنتخاب غير المقيمين (المغتربين) للمرة الثانية في تاريخ الجمهورية، نقطة إيجابية في العملية عبر توسيع المشاركة وإتاحة الفرصة لفئة من المواطنين المتواجدين خارج البلاد.
  • ·         تأكيد حق المجتمع المدني المحلي والإقليمي والدولي على مراقبة ومتابعة الانتخابات (المادة 20 من القانون)
  • في ظل أجواء سبقت يوم الانتخاب والتشكيك في إمكانية اجرائها، نجتمع اليوم لنؤكد أهمية احترام مبدأ تداول السلطة والمواعيد الدستورية.

.

ثالثاً: الملاحظات الخاصة بيوم الإنتخاب

لا بد من الإشارة في البداية الى التعاون الذي أظهرته الهيئة من خلال توفير الإعتماد للمراقبين الدوليين، وتعاون رؤساء الأقلام والقوى الأمنية المتواجدة في المراكز الإنتخابية.

انقسمت البعثة الى أربع فرق لتغطية كافة الدوائر الانتخابية. غطى الفريق الأول دوائر البقاع الأولى والثانية والثالثة، وغطى الفريق الثاني دوائر الشمال الأولى، الثانية، الثالثة، ودائرة جبل لبنان الأولى (كسروان وجبيل)، الفريق الثالث غطى دائرتي بيروت الأولى والثانية بالإضافة الى دائرتي جبل لبنان الثانية والثالثة، بينما غطى الفريق الرابع دائرة جبل لبنان الرابعة ودوائر الجنوب الأولى، الثانية، والثالثة. ومن خلال زيارة عدد من المراكز الإنتخابية تم رصد الأمور التالية:

  • التأثير في خيارات الناخبين/ات:
    • الصمت الإنتخابي: سجل خرقاً واضحاً لفترة الصمت الإنتخابي من قبل المرشحين والأحزاب والمناصرين ووسائل الاعلام.
    • وجود كثيف للإعلانات الإنتخابية حول مراكز الاقتراع وتواجد الماكينات الإنتخابية داخل عدد من المراكز واستخدام مكبرات الصوت والإعلان حولها.
    • لوحظ استخدام وسائل نقل جماعي لناخبي قوائم انتخابية
    • استخدام المال الانتخابي لبعض القوائم الانتخابية لضمان التصويت لصالحها، والتي تمثلت بتوزيع كوبونات تعبئة البنزين وتوزيع امول ومساعدات غذائية على الناخبين/ات 
  • إدارة العملية محلياً وفي المراكز والاقلام:
    • سجلت عدم جهوزية واضحة في المراكز لتوفير مشاركة لائقة للأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن والأميين، وهذا خرق للمادة (96) من قانون 44/2017.
    • قيام المندوبين بخرق سرية الاقتراع المادة (95) من قانون الانتخابات اللبنانية والتي قد أشير إليها سابقاً.
    • سجلت خروقات في جهوزية بعض المراكز من حيث التنظيم وسرية الاقتراع وتحديداً في وضعية العازل.
    • أدى تأخير عملية الإقفال الى عدم القدرة على تحديد نسبة المشاركة ولم تصدر وزارة الداخلية النسب الرسمية للمشاركة في الاقتراع ساعة الإقفال بحيث يمكن تحديد الزيادة في الاقتراع بعد الوقت المحدد، كا أدّى التأخير أيضاً الى استمرار عمليات الاقتراع في بعض الأقلام والبدء بعمليات فرز الأقلام الأخرى ضمن المركز الواحد.
    • عدم جاهزية سجل الناخبين لجميع المحدثين أدى الى حرمان بعض الناخبين/ات من التصويت
    • ضعف في اداء موظفي الاقتراع الناتج عن قلة معرفة بالقانون وإجراءات التصويت مما أحدث إرباك في في بعض المراكز وتفاوت في السماح لوجود مرافقين/ات في تصويت ذوي الإعاقة وكبارالسن وكذلك في استخدام اوراق التصويت مع الباركود او اقتطاعه.
    • لوحظ عدم كفاءة مراكز الاقتراع من حيث المكان باستقبال كافة الناخبين/ات ومن حيث تسهيلات الدخول الخاصة بكبار السن وذوي الإعاقة. كما تم اختيار اماكن الأقلام في الكثير من المراكز في الطوابق العلوية. مما ادى الى صعوبة الوصول اليها.
    • القاعات المخصصة للأقلام الانتخابية لا تتوفر فيها المعايير الدولية من حيث المساحة حيث لوحظ اكتظاظ بأعداد مندوبي/ات القوائم والمرشحين/ات
    • بدء اعلان نتائج بعض الاقلام من قبل الماكينات الإنتخابية في حين استمرت عملية الاقتراع في مراكز اخرى وهذا ما قد يؤثر على خيارات الناخبين/ات وأداء الماكينات الإنتخابية.

كل هذه الملاحظات التي وثقتها البعثة تشير الى أن هنالك ضعفاً في إدارة العملية الإنتخابية بدءاً من التصويت وحتى مرحلة الفرز وكذلك لدى المعنيين من رؤوساء/رئيسات الأقلام والمساعدين/ات بما في ذلك مندوبي/ات الأحزاب.

رابعاً: التوصيات

نتيجة للقاءات السياسية والمشاهدات والملاحظات التي سجلتها البعثة خلال الزيارات الميدانية والإطلاع على الأوضاع العامة، توصي البعثة بالتالي:

  • ضرورة اعتماد هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات تتوفر لها الموارد والصلاحيات المالية والسياسية والإدارية.
  • ضرورة بناء قدرات وتأهيل موظفو الاقتراع بما يسمح بسهولة تطبيق الإجراءات يوم الاقتراع.
  • إصلاح البنود السلبية في النظام الانتخابي المعتمد (أهمها الحاصل الإنتخابي المرتفع، الصوت التفضيلي على الدائرة الصغرى، اعتماد الدوائر المتوسطة او الكبرى، توزيع الدوائر والمقاعد بشكل عادل ومتساوٍ أو متقارب، الخ …).
  • إعادة النظر بسقف الإنفاق واعتماد المعايير الدولية للعدالة والنزاهة حول شفافية الحسابات المصرفية للأصول والفروع. 
  • تنظيم الإنتخابات في مراكز كبيرة للإقتراع في مكان السكن لخفض كلفة الانتقال على الناخبين من أماكن سكنهم الى أماكن القيد، تماماً كما حصل أثناء تنظيم اقتراع غير المقيمين. على ان تحترم القانون المعايير الدامجة لكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة.
  • الالتزام بالاتفاقيات الدولية (مثل اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة في المادتين (2) و (4)) التي صادقت عليها الدولة اللبنانية والتي تحث على القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة واتخاذ الدول الأعضاء التدابير الخاصة من أجل العمل على مبدأ المساواة بين المرأة والرجل في كافة الميادين التي من ضمنها المشاركة السياسية، وإعلان بكين 1995 الذي أوصى بضرورة اعتماد كوتا نسائية مؤقتة لاتقل عن نسبة 30% تضمن للمرأة الوصول الى مواقع السلطة وصنع القرار.
  • خفض سن الاقتراع الى 18 سنة وسن الترشح الى 22 سنة.
  • الشروع في تأهيل مراكز الإقتراع للأشخاص ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة وعدم ترك هذه المهمة الى ما قبل يوم الاقتراع.
  • دفع هيئة الاشراف على الانتخابات بأن تعتمد بعداً جندرياً وتراعي الفئات الأكثر تهميشاً من حيث التمثيل فيها واجراءاتها لتدير العملية الانتخابية القادمة.
  • العمل على زيادة نسب النساء داخل قوى الامن لحماية وجود النساء ومشاركتهن في المجال العام والسياسي

خامساً: الخلاصةلوحظ من نتائج العملية الإنتخابية ان نسبة المشاركة في الإقتراع لم تتغير كثيرأ في انتخابات الداخل، بعكس كثافة الاقبال على التسجيل والاقتراع في انتخابات غير المقيمين. فالقانون الإنتخابي الذي طبق هو قانون نسبي شكلاً ولكن أدخلت اليه تشوهات أفرغته من مضمونه، كما أن نسبة الإقتراع والنتائج الأولية قد تكون إشارة واضحة الى خيار سياسي اتخذه المواطنون/ات تعبيراً عن رفضهم/ن للأداء السياسي العام الذي سبق ورافق الإنتخابات، مع التأكيد على ضرورة أخذ العبرة منه لتصويب الخيارات في المستقبل من أجل حماية الإستقرار السياسي في بلاد تعاني من أزمات وصعوبات وتحديات كثيرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى