Uncategorized

جلسة حوارية “جودة التعليم في العراق ” بمناسبة أسبوع العمل العالمي للتعليم

عقدت منظمة تموز للتنمية الاجتماعية وبالتعاون مع مجلس محافظة بغداد جلسة حوارية لمناقشة “جودة التعليم في العراق” وذلك ضمن فعاليات العراق في حملة أسبوع العمل العالمي للتعليم لسنة 2017، أقيمت الجلسة في قاعة مجلس محافظة بغداد يوم 30 نيسان.

شارك في الندوة عدد من أعضاء مجلس المحافظة وممثلي من وزارة التربية ونقابة المعلمين وباحثين في علم الاجتماع وقضايا التعليم بالإضافة الى عدد من الأساتذة الأكاديميين وناشطين من منظمات المجتمع المدني.

افتتحت الجلسة  بكلمة ترحيبية من الزميلة فيان الشيخ علي رئيسة منظمة تموز معرفة خلالها بحملة أسبوع العمل العالمي للتعليم وهدفها في ضمان المسائلة لتحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة 2030 والذي ينص على  “التعليم الجيد والمنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلّم مدى الحياة “ولأجل تحقيق هذا الهدف اتخذ الشعار المركزي للحملة “دافع عن التعليم الآن وقت التنفيذ” ، والذي تبنته منظمة تموز وعدد من المنظمات العراقية المهتمة بالتعليم ، وأن مناقشة واقع التعليم في العراق وقياس جودته كموضوع لهذه الجلسة يأتي ضمن البدء بالتنفيذ في الدفاع عن التعليم  الذي يعد الأساس في إصلاح واقع العراق في كل النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية .

كما رحبت السيدة مهدية اللامي رئيسة لجنة منظمات المجتمع المدني في مجلس محافظة بغداد بالحضور الكريم مشيرة الى أهمية موضوع التعليم والتعرف على مشاكله بهدف إيجاد الحلول والاقتراحات لتحسين جودته شاكرة دور منظمات المجتمع المدني ومنظمة تموز في تبني هذه القضايا التنموية، فالتعليم يعاني في العراق حاله حال الكثير من القطاعات من التلكؤ والتراجع لجملة من الأسباب والمعوقات والتي تتحمل وزارة التربية الجزء الكبير منها.

ثم  قُدمت المداخلات الرئيسية للجلسة ، التي ابتدأها الدكتور حيدر الهودي من قسم ضمان جودة التعليم في وزارة التربية حيث كانت مداخلته مركزة على جودة التعليم من حيث جهود وإنجازات وزارة التربية، ومن حيث عدم دخولها في مؤشرات منتدى دافوس في قياس جودة التعليم،  بسبب عدم انطباق معايير القياس على العراق، وقد قلل الهودي من أهمية  مؤشرات منتدى دافوس كونه أشبه بمنظمة  وليس من ضمن المؤسسات الرسمية الدولية ، هذا بالإضافة الى انه يعتمد على حجم الاشتراكات المالية للدول الأعضاء وان المعايير لا تشمل فقط نوعية التعليم بل تربطه بمقاييس اقتصادية أيضا.

مؤكداً بذات الوقت على إن الوزارة تبذل جهود حثيثة ومكثفة في سبيل الارتقاء بواقع التعليم وتطويره وان الخلل الموجود في التعليم يعود على الحكومة وقلة تخصيصاتها المالية للتعليم، والى تشتت القرارات الحكومية والسياسية بنقل الصلاحيات الى الحكومات المحلية التي اربكت إدارة التعليم، هذا بالإضافة الى تأثير الموبايل والأجهزة الإلكترونية على اهتمام الطالب بالدارسة، إن سوء أداء بعض المعلمين والكوادر التعليمية قد زاد من تحميل الوزارة  مسؤولية  مشاكل التعليم . مشيرا الى ان عدم معرفة الوزارة الاتحادية بمدخلات التعليم ومؤشراته في إقليم كوردستان تعد أحد التحديات التي تواجه قياس جودة التعليم من قبل وزارة التربية العراقية.

وكانت المداخلة الثانية للأستاذ نوري الجاسم عضو لجنة التعليم في مجلس محافظة بغداد  والتي  عرض فيها  أسباب خروج العراق من مؤشرات جودة التعليم، معتبرها مشاكل حقيقة تواجه العملية التربوية والتعليمية في العراق، منها عدم  تخصص وزراء التربية بعمل التربية والتعليم منذ سنة 2003 ولغاية الآن، وبالتالي عدم المجيء بشخص يحمل برنامج للنهوض بالتعليم، عدم وجود وحدة لنظام  إعداد المعلمين والتأهيل العلمي للكوادر التدريسية كما موجود في اغلب دول العالم ، وضعف التخصيصات المالية للتربية والتعليم، عدم وجود بنى تحتية تتمثل بمباني التدريس بشكل مؤهل وكافي لعدد الطلاب مما تسبب بوجود الدوام المزدوج الثنائي والثلاثي في البناية الواحدة ، و أن الكثير من الصفوف تكتظ بأعداد الطلبة ليتجاوز عددهم الـ50 طالب في الصف الواحد ، كما توجد أعداد غير قليلة من المدارس الطينية أو المبنية من القصب في اقضيه ونواحي المحافظات . ومن المشاكل الكبيرة التي تواجه التعليم الفساد المستشري في قطاع التربية والتعليم والذي اتضح في عقود بناء المدارس وفي طباعة الكتب الدراسية التي تسبب تأخرها بمشكلة كبيرة للطلبة وذويهم هذا العام، هذا غير الفساد والمحسوبية في تعيين المعلمين ودارات المدارس دون اعتبار للتخصص، والاحتياج، والخبرة، وغيرها. كما ان هذه المشاكل تسببت بوجود مدارس خاصة غير مؤهلة علميا ولوجستيا لأن تصبح بيئة دراسية جيدة تميزها عن المدارس الحكومية، كما ان هذه المدارس تفتقر الى الرقابة الحكومية من وزارة التربية. كل هذه الأسباب وغيرها الكثير أوصل التعليم في العراق الى مستويات هابطة لا تقاس ضمن المعايير الدولية بعد ان كان العراق رائدا في المنطقة بمستوى التعليم في العقود الماضية. 

وقد كانت المداخلة الثالثة للأستاذ الباحث عبد الرزاق علي  والتي استعرض فيها تحليل مكثف لطبيعة السياسات التعليمية في العراق ، مع التركيز على علاقتها بسوق العمل العراقي، فالسياسة التعليمية أهم أركان السياسة العامة، وهي ترتبط بأهداف وفلسفة النظام السياسي السائد، وفي العراق كانت هناك سياسة تعليمية ناجحة ومميزة في المنطقة بدأت في سبعينيات القرن الماضي حين مزج بين ثلاث قوانين مهمة قانون الزامية التعليم ، قانون محو الأمية الإلزامي، قانون مجانية التعليم لمختلف المراحل الدراسية مما احدث نقلة في مستوى التعليم، سرعان ما تلاشت بسبب الحروب التي خاضها العراق والحصار الاقتصادي وويلاته ، والذي كان له أثره على قطاع التعليم. وبعد العام 2003 والتغيير الكامل في كل مفاصل الدولة، ومع إقرار الدستور العراقي سنة 2005 والذي نص على حقوق وصياغات متقدمة على الدساتير التي سبقته بخصوص التعليم، ألا انه لم يوضح الكيفية التي يمكن بموجبها حفظ هذا الحق، وطبيعة التقاضي في حال عدم قدرة الدولة على تنفيذه. ثم شهد العراق حالة من الفوضى وغياب الأمن تسببت بغياب الترابط بين مختلف مراحل السياسات التعليمية (التشريع – التخطيط – التنفيذ). وبالرغم من الميزانيات الانفجارية للدولة لغاية سنة 2014 ووجود وفرة مالية حينها، ألا أن التعليم لم يحظ ألا بأصغر نسب من حجم تلك الموازنات، والذي انعكس على العملية التعليمية (مرافق وبنى وموارد بشرية ومخرجات). وبالنسبة لعلاقة سوق العمل والسياسة التعليمية إشارات بعض البيانات الى أن الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية التي حدثت بعد عام 2003 انعكست على توفير فرص عمل للخريجين، وبالرغم من الجهود لردم الفجوة بين التعليم وسوق العمل، ألا أن التباعد واضح بين مخرجات التعليم والانخراط في سوق العمل، يعتريه الكثير من التحديات الداخلية والخارجية لمواكبة التطورات المتسارعة في المجالات العلمية والتكنلوجية والارتقاء بمستوى وفعالية التعليم وربطه بسوق العمل لتحقيق التنمية الشاملة وخدمة المجتمع ، مما يتوجب اتخاذ إجراءات جادة وعملية.

وفي آخر المداخلات الرئيسية للمتحدثين في الجلسة تناول الدكتور حسين هندي مدير الأشراف التربوي في وزارة التربية، المعوقات والمشاكل التي تواجه وزارة التربية وتقلل من إنجازها بالرغم من الجهود التي  تعمل وبكل كفاءة  كوادرها على تحسين جودة التعليم ألا أن أعلام الوزارة ضعيف، وهذا لا يعني أن الوزارة لم تكون سبب في إخفاقات التعليم ولكنها لا تتحمل المسؤولية وحدها، بل هي واحدة من وزارات أخرى كوزارة التعليم والتخطيط وغيرها، وان هناك مشاكل تتعلق بالفساد والتعيينات العشوائية التي تقلل من إنجاز الأشراف التربوي على المدارس هذا غير قلة التخصيصات المالية التي انعكست على عملية الأشراف والمتابعة في المناطق البعيدة، وعدم فاعلية القوانين، وبخصوص مناهج التدريس فهي الأولى على مستوى المنطقة وانها أعدت بطريقة علمية من لجان متخصصة راعت إدماج مفاهيم الديمقراطية وحقوق الأنسان والابتعاد عن العنف والطائفية، وان المشاكل الموجودة في التعليم يشارك بمسؤوليتها الطالب وذويه أيضا. كما أن البرامج والمشاريع التي تقوم بها المنظمات الدولية لا يمكن الاعتماد عليها وذلك لمحدودية وقتها المرتبط بحجم التمويل ومدته.

ثم فتح باب الحوار والمداخلات للمشاركين والتي أثارت الكثير من المشاكل والأخطاء التي تتخلل سير عملية التربية والتعليم في العراق والتي مثلت إضافة تفصيلية للمشاكل والتحديات التي ذكرها المتحدثون في الجلسة فقد شارك ممثلي نقابة المعلمين وعضوة لجنة التربية والتعليم في مجلس المحافظة والاكاديميين والناشطين بعرض الأمثلة التي تعكس ما أصاب التعليم من خراب وتراجع بقيم المنظومة التربوية والتعليمية في العراق، وقد أجملت هذه المداخلات أسباب المشاكل والمعوقات بأسباب عددية منها، الفساد الإداري والمالي، عدم وجود تخطيط شامل لتعيين معلمين وفق الاحتياجات ووفق التخصص ، عدم تجهيز وحدات دراسية تستوعب النمو السكاني الهائل، غياب سلطة القانون التي ضعفت هيبة المعلم وأضاعت الحزامية التعليم، تأثير التعصب الديني والطائفي على المعلمين وانعكاسه بالتعامل مع الطلبة من ناحية وعلى بشرح بعض المواد كالتاريخ والتربية الإسلامية من ناحية أخرى، واستخدام المدارس كمنابر للوعظ الديني وممارسة الطقوس الدينية من قبل بعض الكوادر التدريسية، قلة التخصيصات المالية للتربية والتعليم في ميزانية الدولة، التأثير على أفكار وتربية الأطفال في المدارس التي كانت تحت سيطرة عصابات داعش، ضعف والأشراف التربوي وغيابه في المناطق البعيدة ، إهمال التعليم المهني والتقني، انتشار ظاهرة التدريس الخصوصي، ضعف المستوى العلمي للتدريس في المدارس الخاصة وضعف الرقابة الحكومية عليه، مشاكل الطلبة النازحين، عدم معرفة القائمين برئاسة الحكومة واللجان المعنية بالبرلمان بالمشاكل الحقيقية للتعليم ، ضعف التعاون والتنسيق بين الوزارة ومنظمات المجتمع المدني للاستفادة من المبادرات والمشاريع التي تخص التعليم . 

وبعد نقاشات مستفيضة ومريرة حول ما يعانيه التعليم وعدم جودته تم الاتفاق على مضمون البيان الذي أعلنه الائتلاف العراقي للتعليم مع بداية حملة أسبوع العمل العالمي للتعليم، وقد تم استخلاص مجموعة من الاقتراحات والتوصيات للنهوض بواقع التعليم في العراق والتي ندرجها بالتقاط التالية: 

  1. رفع التخصيصات المالية لقطاع التعليم في ميزانية الدولة بما لا تقل عن 25%
  2. تعزيز حجم ونوعية التعليم العام وتحسين خططه في التنفيذ والرصد بما يفضله عن التعليم الخاص الذي أخذ يزداد في السنوات الأخيرة.
  3. وضع آليات مراقبة قوية لتنظيم التعليم الخاص والتعليم في المدارس الدينية.
  4. مكافحة الفساد في قطاع التعليم كجزء من الفساد المستشري في القطاعات الأخرى في العراق.
  5. أقرار وتفعيل قانون إلزامية التعليم وتعديله ليشمل المرحلة المتوسطة .
  6. موائمة مناهج التدريس لجميع المراحل مع مفاهيم حقوق الأنسان وتعزيز قيم المواطنة والمساواة، ونبذ العنف، واختيار لجان علمية كفؤة لوضع المناهج الدراسية بالشكل الذي يضمن الجودة العلمية، سهولة الاستيعاب.
  7. تطبيق قانون الحملة الوطنية لمحو الأمية المشرع منذ أيلول 2011.
  8. توفير الحماية الكافية للمعلمين والهيئات التدريسية واحترام عملهم وتعزيز مكانتهم الاجتماعية.
  9. تشجيع المبادرات التعليمية المميزة وتثمين المعلمين المبدعين.
  10. توفير مساحة رسمية ومنظمة للمشاركة الفعالة والهادفة من المجتمع المدني بما في ذلك نقابات المعلمين والمنظمات وذلك كجزء من الحوار الاجتماعي حول صنع السياسات والتخطيط ووضع الميزانية ورصد التقدم الحاصل.
  11. التوسع في سياسة القبول في التعليم التقني ودعمه وتطويره.
  12. 12.              دعم وتطوير التوجهات الخاصة في تطبيق معايير إدارة الجودة الشاملة في إدارة مؤسسات التعليم العالي واعتباره خيارا استراتيجيا.
  13. اختيار الأشخاص الأكفاء والمتخصصين لمهام وزارتي التربية والتعليم العالي، وكل الكوادر العاملة في أقسام تلك الوزارتين، بما فيهم المعلمين والمدرسين بعيدا عن نظام المحاصصة الطائفية والحزبية وبعيدا عن المحسوبية والمنسوبة.
  14. الاهتمام بالأعلام التربوي والأسري من قبل وزارتي التربية والتعليم العالي.
  15. تشجيع البحوث والدراسات العلمية والاجتماعية وتبنيها بما يحقق تحسين في التعليم
  16. توفير وتفعيل دور الباحثين الاجتماعيين في المدارس لمتابعة أمور الطلبة.
  17. توفير البنى المدرسية الكافية وإلغاء العمل بالدوام المزدوج.
  18. الإبقاء على شروط القبول في مدارس المتميزين لتصبح للمتميزين فقط لا للأغنياء أو المتسلطين.

المكتب الإعلامي

منظمة تموز للتنمية الاجتماعية

2 آيــار 2017

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى