مشروع مراقبة الانتخابات البرلمانية في العراق
انتهت الانتخابات الثانية بسلام بعد ان شهدت الفترة التي سبقتها توترا وتصعيدا ملحوظا. وبهذا يكون العراقيين قد أنجزوا ثالث استحقاق وطني خلال عام واحد فقط، فبعد انتخابات 30/1/2005 صوت العراقيون على مسوّدة الدستور، ثم ها هم اخيرا مارسوا حقهم الدستوري في انتخاب برلمانهم الجديد.
لم تكن العملية الانتخابية سهلة بل كان هناك وعي وادراك عام أنها لا تجري في ظروف طبيعية، مثالية، بل في ظل ضعف التقاليد الديمقراطية والوعي الانتخابي وتغييب إرادة العراقيين لسنوات طوال بأساليب وطرق شتى. وقد لجأ بعض القوى والكيانات السياسية المتنافسة إلى استخدام أدوات ووسائل غير ديمقراطية في هذه الحملة فقد كان هدفها أولا واخيرا الفوز بأي ثمن. وبغض النظر عن ذلك فإن هذه المظاهر المعيبة لا تقلل من المغزى السياسي لنجاح العملية الإنتخابية.
ومن المفيد الاشارة الى ان تشخيص الثغرات والفجوات والتجاوزات، على كثرتها، ليس بهدف التقليل مما تحقق ولكن من أجل وضع الضوابط الضرورية للتغلب عليها في المرات القادمة، ولكي تجري مثل هذه الانتخابات القادمة في ظروف نظيفة وبشفافية عالية بعيدا عن اية ممارسات تفرغ العملية الديمقراطية من مضمنها ومغزاها.
وملخص القول انه ورغم كل ما يطرح من ملاحظات حول العملية الانتخابية والانتخابات التي جرت يوم 15/12/2005 وما رافقها من تجاوزات وخروقات، فإنها مع ذلك تبقى استحقاقا قانونيا وسياسيا مهما، وتشكل
محطة مهمة اخرى من محطات مسيرة الشعب العراقي وهو يتحدى العقبات والصعوبات باتجاه بناء الديمقراطية ومؤسساتها التمثيلية وبما يفضي الى بناء دولة ديمقراطية عصرية. وتكمن اهمية هذه الانتخابات مقارنة بما سبقها في انها تشكل المحطة الاخيرة من محطات المرحلة الانتقالية والتي تفضي في نهاية المطاف الى انتخاب برلمان دائم وتشكيل حكومة دائمة لمدة اربع سنوات استنادا الى أول دستور دائم اقره العراقيون في 15/10/2005. واضافة لذلك فإن ما ميّز هذه الانتخابات عن سابقتها هو المشاركة الواسعة (12.191.133 ناخب بينهم 11.895.756 ناخب داخل العراق و 295.377 ناخب في خارج الوطن، وهذا يمثل حوالي 70% ممن لهم حق التصويت). وهذه نسبة عالية ويتعين قراءتها بشكل سليم، فهي تعكس رغبة قطاعات واسعة ومتنامية من المواطنين العراقيين نحو ممارسة حقوقهم المدنية-الديمقراطية بعيدا عن العنف والاقصاء والتهميش، ورغبتهم في التمسك بالديمقراطية وبقيمها.
بهدف المساهمة في ضمان انتخابات حرة ونزيهة وشفافة بادرت منظمة تموز الى تكوين شبكة واسعة من المراقبين بلغ عددهم حوالي 5600 متطوعا ومتطوعة ينتمون الى مناطق وشرائح اجتماعية مختلفة. وكما في المرات السابقة (اثناء الانتخابات الاولى وكذلك الاستفتاء على الدستور) فقد عمل هؤلاء ضمن أربعة مكاتب اقليمية هي : بغداد ، البصرة، الناصرية واربيل، هذا اضافة الى وجود مركز رئيسي في العاصمة بغداد كان يدير القضايا الاستراتيجية لمراقبة الحملة وينسق النشاط العام والمعلومات المتدفقة. كما توزع نشاط الشبكة على جميع المحافظات والمناطق.
– شكلت الشبكة سكرتارية كانت بمثابة غرفة عمليات تلخص هدفها في تجميع التقارير الواردة من المراكز الاقليمية وتنسيقها بهدف اعداد تقارير موحدة.
– بلغ عدد المراكز الانتخابية اكثر من 6000 مركز وحوالي 32000 محطة انتخابية. وبسبب حجم المهام وتشعبها وكثرة عدد المراكز والمحطات الانتخابية وانتشارها الواسع جغرافيا فانه لم يتح لمراقبينا تغطية جميع المراكز الانتخابية، ولكننا سعينا ان يكون لنا وجود في جميعها تقريباً.
– مارس مراقبونا نشاطاتهم منذ الصباح الباكر (حوالي الساعة السادسة صباحا) ، علما بان الاقتراع انطلق رسميا في الساعة السابعة صباحا، واستمروا الى نهاية عمليات الاقتراع والفرز. علما بأن العديد من مراقبينا تعرضوا الى مضايقات متنوعة بما فيه منعهم من دخول بعض المراكز الانتخابية تحت ذرائع مختلفة. والاهم من ذلك تعرض العديدين منهم الى مختلف اشكال التهديد والعنف اللفظي والجسدي، بما في ذلك التهديد بالقتل.
– قدم اعضاء الشبكة العشرات من التقارير، سجلوا فيها القضايا والاشكاليات والتجاوزات والثغرات والخروقات المتعلقة بمختلف مراحل العملية الانتخابية. وهذا التقرير الختامي يستند بالاساس على المعلومات التفصيلية التي تضمنتها تلك التقارير، وبالتالي يعتبر خلاصة وتطويرا للمضامين الواردة فيها.